ورقة بن نوفل
ورقة بن نوفل، هو أحد الحنفاء في الجاهلية اسمه: ورقة بن نوفل بن أسد بن عبدالعزى بن قصى الذي يجتمع نسبه مع الرسول الكريم محمد بن عبدالله عليه صلاة والسلام في قصى بن كلاب الجد الرابع لنبية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. يقول ابنُ مَنِّ الله في حديقة البلاغة في رده على ابن غرسية: ” وكانت فيهم (أى العرب) الملّة الحنيفية الإسلامية، والشريعة الإبراهيمية، ومن أهلها كان قس بن ساعدة الإيادى، وورقة بن نوفل، وزيد بن عمرو من بنى عدى ” (نوادر المخطوطات 1/ 327).
ومما يدل على اعتناق ورقة للتوحيد قوله لبعض أصحابه الذين رفضوا عبادة الأصنام: ” تعلمون، والله ما قومكم على دين، ولقد أخطأوا الحجة، وتركوا دين إبراهيم ما حجر تطيفون به؟ لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضرُّ، يا قوم التمسوا لأنفسكم الدين ” (البداية والنهاية 2/ 341 وسيرة ابن هشام 1/ 242 والمنمق 175-176)
كان ورقة بن نوفل أول من بشَّر السيدة خديجة بنبوَّة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعدما أخبرته بما حدث أثناء سفر محمد صلى الله عليه وسلم مع ميسرة بتجارتها إلى الشام، وما كان من أمر السحابة التي كانت تظله حتى دخل مكة، قال لها: (لئن كان هذا حقاً يا خديجة، فإنّ محمداً لنبي هذه الأُمّة، وقد عرفت أنّه كائن لهذه الأُمّة نبي يُنتظر هذا زمانه!) (الروض الأنف ج2، 161). ولم يمض شهر أو أقل أو أكثر قليلاً على هذا الكلام إلاّ وتزوجت السيدة خديجة برسول الله. ولورقة بن نوفل قصيدة في هذا يبدو من سياقها أنّها نُظِّمت بعد هذا الحدث لما فيه من ذكر لسفر رسول الله بتجارة خديجة، واستبشار بنبوّته ووعد باتباعه، وفيها يقول بعاطفة جياشة مخاطباً السيدة خديجة (حسب رواية ابن إسحاق عن يونس) وهي من شعره:
أَتُبْكِرُ أم أنت الْعَشِيَّةَ رائحُ
وفي الصدر من إضْمَارِكَ الحزنَ قادح
لِفُرْقةِ قومٍ لا أحب فِرَاقَهُمْ
كأنك عنهم بعد يومين نازح
وأخبارِ صِدْقٍ خَبَّرَت عن محمد
يخبرها عنه إذا غاب ناصح
فتاك الذي وجهت يا خيرَ حُرَّةٍ
بِغَوْرٍ وبالنَّجْدَيْنِ حيث الصَّحاصِحُ
إلى سُوقِ بُصْرَى في الركاب التي غدت
وَهُنَّ من الأحمال قُعْصٌ دَوَالح
فخبَّرنا عن كلِّ خير بِعلمه
وللحق أبوابٌ لَهُنَّ مفاتح
بأن ابنَ عبدِالله أحمدَ مُرْسَلٌ
إلى كلِّ مَنْ ضُمَّتْ عليه الأباطح
وظنِّي به أنْ سوف يُبْعَث صادقاً
كما أُرْسِلَ العبدان هُودٌ وصالح
وموسى وإبراهيمُ حتى يُرى له
بهاءٌ ومنشورٌ من الذكر واضح
ويتبعه حَيَّا لُؤيٍّ جماعة
شيابُهم والأشْيَبُون الْجَحَاجحُ
فإن أبْقَ حتى يُدركَ الناس دَهرُه
فإني به مُسْتَبْشرُ الْود فارح
وإلاَّ فإني يا خديجة - فاعلمي
عن أرضِك في الأرض العريضة سائح
كان ورقة على دين النبي أبراهيم كما تقول معظم الروايات حيث كان رافضاً للديانة المسيحية لانحرافها برأيه واليهودية لأنها كانت مختصة بشعب الله المختار كما زعم اليهود، فدعى إلى التوحيد النقي على ملة أبو الأنبياء والرسل أبراهيم، وله في ذلك شعراً:
لقد نصحتُ لأقوام، وقلتُ لهم:
أنا النذيرُ، فلا يَغْرُرْكم أَحَدُ
لا تَعْبُدُنَّ إلهاً غيرَ خالِقكم
فإن دَعَوْكُمْ فقولوا: بيننا جَدَدُ
سُبْحَانَ ذي العرشِ سُبْحاناً يدوم له
وقبلنا سَبَّحَ الجْوُدِيُّ والْجُمُدُ
مُسَخَّر كلُّ ما تحت السماءِ له
لا ينبغي أن يُناوي مُلْكَه أحدُ
لا شَيْء مما ترى تبقى بشاشتُهُ
يَبْقَى الإلهُ ويُودِي المالُ والْوَلَدُ
و حسب السيرة النبوية، المجلد الثاني. فإن ورقة كان يستبطئ نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بعد مجيء خديجة له حيث قال في ذلك شعرا منه:
لججت وكنت في الذكرى لجوجا لهمّ طالما بعث النشيجا
ووصف من خديجة بعد وصف فقد طال انتظاري يا خديجا
ببطن المكتين على رجائي حديثك أن أرى منه خروجا
k