ضحكنا عندما حاول شخص بسيط تعريف قانون الطوارئ، قائلاً: كل الطوارئ بطيئة (طوارئ المي والكهربا) تتلفن الآن ويأتون بعد يومين!
ولكن بالطبع ثمة من أبكاه، لعدة أجيال، هذا القانون الذي أباح للسلطة في سورية منذ عام 1961 أن تعتقل وتصادر حرية وأملاك أي فرد سوري، ودون تقديمه إلى القضاء المدني العادي.
وثمة تفاصيل في هذا القانون يعرفها القضاة والمحامون والحقوقيون، على حين تذوّقها السجناء بأنفسهم (لحماً وعظماً).
رواية «القوقعة» عن السجن والسجناء والسجانين فضيحة حقيقية لهذا القانون. وأعتقد أنها وحدها، كوثيقة، تسجيلية أدبية، ودون تظاهرات درعا وسواها من المدن السورية... كافية للتعجيل بإلغاء هذا القانون انتماء سورياً حقيقياً للترفع عن إيذاء البشر!
ما من أحد من المسؤولين إلا واعترف وأشاد بالوعي الشعبي الذي يبدي رغباته في الحرية ولكن في التفاصيل ثمة شياطين أخرى. فالحرية هتاف عظيم ومطلب دائم للإنسان، ودون الحرية لا شيء ممتعاً في هذه الحياة لأنها المرادف الحقيقي للذات الإنسانية في سعيها للتحقق، ونموها دون عائق، واحتفاظها بكرامتها دون نقصان.
ولكن هذا الهتاف المتكرر كل أسبوع يجب أن يجد حلاً له... فهو ليس أغنية أبدية في الشارع كما أنه ليس عدواً أبدياً تحسسياً للسلطات الأمنية. أحد ما سوف يتنازل في هذه الساحة المأزومة، في هذه المدينة أو تلك. وأعتقد أن المطلوب منه، ليس التنازل، وإنما الإقرار بحق شرعي... هو قلم حكومتنا، وليس قبضة المتظاهرين السلميين.
التهدئة، ثم الهدوء. وثمة ضرورة لحوارٍ ما، وضرورة أكثر للإسراع في إنزال القرار الملموس، إلى أرض الواقع المحسوس. ولربما سيكون الإجراء الأول.. حاسماً، وهو الإفراج عن السجناء. واعتبار شهداء الطرفين شهداء بكل الأحوال!
إن مكافحة الفساد عملية طويلة. ولكن إزالة شكله الاستفزازي الاستعراضي أمر ممكن بساعات. ومن بين هذا الشكل هو الاستقواء بالصور والأعلام والمزامير والمفرقعات.
وأولاً وأخيراً ثمة ضرورة لاعتبار مدينتنا جميعاً (درعا) مدينة جريحة، ويجب الوصول معها/وبها إلى حل يضع أهلها أمام خيار «النسيان النبيل» ويريها عدالة الاقتصاص من متسببي آلامها، ليس بالأمس فقط، وإنما طوال سنوات التعاطي الفظ معها!
عن الوطن