بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد
قال عبد الملك بن مروان مخاطبا الرعية: ما أنصفتمونا يا معشر الرعية، تريدون أن نسير بكم سيرة أبي بكر و عمر و أنتم لا تسيرون بنا و لا بأنفسكم سيرة أبي بكر و عمر. وقد سئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين قامت الفتن في عصره، فقال له قائل: لم ثارت الفتن في عصرك ولم تثر في عصر عمر ؟! قال: لأن عمر كان والياً على مثلي، وأنا وال على مثلك.
لقد علمنا ما حدث لما عصى الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم و نزلوا من على الجبل، بل لما أكل آدم عليه السلام من الشجرة. ثم مازالت المصائب تتدافع علينا من كل صوب و نحن نسأل كما سأل الصحابة يوم أحد "أنّا هذا"؟ و الجواب مسطور في كتاب الله العزيز يتلى إلى يوم الدين وعاه الصحابة رضوان الله عليهم "قل هو من عند أنفسكم" فأدركوا الخلل و تداركوه. ثم تأبى سنة الله التبديل أو التحويل فكلما عصينا عوقبنا و لو سلم أحد من العقوبة لسلم منها الصحابة رضوان الله عليهم.
تلك كانت معصية بعض الصحابة و هم في جهاد في سبيل الله، فكيف بنا نحن؟ لا حاجة لذكر ما نحن فيه، فنحن في جهاد للحفاظ على صلاتنا و نحن لما سواها أضيع.
لم لا نستمع لمن يقول لنا أنتم السبب و عليكم أن تبدؤوا بأنفسكم و تعودوا إلى الله؟ لماذا لا نتقبل حقيقة أن حكامنا هم نتاج ما قدمت أيدينا؟( أعمالكم عمالكم). لماذا ما نزال عاكفين على علاج أعراض المرض دون أصله؟
نلتمس الخلاص باتباع سنن الذين قبلنا و نترك سبيل المؤمنين فيكلنا الله إلى ما تولينا ثم لا ننل من ذلك إلا الذل فوق ذلنا. متى سنتعلم؟ نسمع للسياسيين الذين لا دين لهم و ندير ظهورنا لعلماء الأمة الثقات.
تكره النفوس أن يلقى اللوم عليها حتى لو كانت ملومة و أعلم كم يكره الناس هذا الحديث خصوصا في هذه الأوقات، لأن هذا الحل هو كمرارة الدواء و ما يريده الناس لا يعدو أن يكون مسكنات ألم. دائما ما نقول الحاكم الفلاني خائن و هو سبب هزائمنا، و قد آن لنا أن نقول أن معاصينا جلبت لنا هذا الحاكم الذي تسبب بهزائمنا.
لن يكون الحل بزوال الطغاة فهم نتائج و ليسوا أسباب و ربما أتى من هو شر منهم، و هنا يقول قائل و هل هناك شر منهم؟ و الجواب أن الرسول عليه الصلاة و السلام قال أن الفتن الآتية "يرقق بعضها بعضا" أي كلما جاءت فتنة استعظمناها فإذا أدبرت و جاءت التي بعدها كانت أعظم فجعلت التي قبلها أقل شأناً منها و هذا نشهده في عصرنا فالأحوال إلى الأسوأ و الناس لا يستيقظون، و إذا قيل لهم عودوا إلى دينكم قالوا إنما نحن مسلمون. أويظنون أن الاسم يكفي؟. و قد سمع الحسن البصري رجلا يدعو على الحجاج فقال له "لا تدعو عليه فإني أخاف إن مات أو عزل أن تحكمكم القردة و الخنازير" و ذلك لما رأى من بعد الناس عن دينهم.
فالحمد لله الرحمن الرحيم الذي ما زال يمهلنا
اللهم ردنا إلى دينك ردا جميلا
و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه
و الحمد لله رب العالمين