رأى معظم الكتاب ان الأمة التي تدخل مرحلة لا تستطيع فيها التمييز بين الصواب و الخطأ و تعجز عن اتخاذ القرار في المسائل الكبرى و المصيرية
هي في أوج ازمة الهوية و هي بالتالي عرضة للفتنة الثقافية و مما قدموا من براهين
الشعور بهوة كبيرة فاصلة بين قيمها و سلوكها , بين ما هو كائن و ما ينبغي أن يكون
و حين تقارن الأمة حالها بحال غيرها من الأمم فان تلك المقارنة تكون مصدراً للشعور بالتأزم
ان نشوء ازمة الهوية . هو نشوء داخلي محض و ذلك بسبب جمود الفعل الحضاري
و اتساع الهوة بين النظرية و التطبيق أو بقول آخر بين القول و الفعل
و في نظرة لتاريخ أزمة الهوية يقول بعض المفكرين المسلمين ان بداية تأزم الهوية الاسلامية كانت مع ظهور عبد الله بن سبأ
و ايقاع الفتنة بين المسلمين على المستوى العقائدي و السياسي
و قال البعض ان المرحلة الفعلية للازمة كانت مع دخول نابليون مصر بمدفعه و مطبعته
اليوم أخذت مطبعة نابليون شكلاً آخر أكثر قوة مع تطور وسائل الاتصال و الاعلام
فالكثير من الأزمات الراهنة التي نعاني منها كانت ستأخذ أشكالاً أخرى مع غياب مطبعة نابليون
هذه المطبعة شاركت الى حد كبير في احداث شرخ كبير بين افراد الأمة و رد فعلهم تجاه ما نعانيه من أزمات
فكل أصحاب رأي يرون الواقع من المرآة التي يريدون في ظل غياب الوعي و القدرة على التحليل
و الخارج كذلك برر الكثير من الافعال و المواقف التي يتخذها وفقا لما تنشره مطبعة نابليون
لا يمكن لأحد منا انكار تأثره بالاعلام بشكل عام و ليس فقط بمطبعة نابليون
الواقع لا يمكن ان يكون له أكثر من صورة بكونه واقع لكن لا يعيه الا من يعايشه
و تبقى انفعالات من لا يعايشه مرتبطة بالمرآة التي ينظر منها
من هنا يبدأ تشتت و انقسام المجتمع
مطبعة نابليون جعلت فقرنا الثقافي و اضمحلال الوعي و الادراك في مجتمعنا يطفو و يبرز جلياً
نحن لسنا بحاجة تحطيم مطبعة نابليون بقدر ما نحن بحاجة لبدء بناء منظومة ثقافية ترسخ قيم مجتمعنا
و تنقل الفرد من كرسي المتلقي الى كرسي المفكر القادر على التمييز