وحسبنا أن نضع لبنة فى طريقنا الطويل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حينما يصرح الساسة فى الغرب بأنهم لا يعادون الإسلام وإنهم ليسوا ضد الإسلام كدين فإنهم يكونون صادقين بوجه من الوجوه .
إذ لا مانع عندهم أبدا فى أن نصلى ونصوم ونحج ونقضى ليلنا ونهارنا فى التعبد والتسبيح والإبتهال والدعاء ونقضى حياتنا فى التوكل ونعتكف ما نشاء فى المساجد ونوحد ربنا ونمجده ونهلل له فهم لا يعادون الإسلام الطقوسى . إسلام الشعائر والعبادات والزهد .
ولا مانع عندهم فى أن تكون لنا الأخره كلها فهذا أمر لا يهمهم ولا يفكرون فيه . بل ربما شجعوا على التصوف والإعتزال .
ولكن خصومتهم وعداءهم هى للإسلام الآخر .
الإسلام الذى ينازعهم السلطة فى توجيه العالم وبنائه على مثاليات وقيم أخرى .
الاسلام الذى ينازعهم الدنيا ويطلب لنفسه موقع قدم فى حركة الحياة .
الإسلام الذى يريد أن يشق شارعا ثقافيا آخر ويرسى قيما أخرى فى التعامل .
الإسلام الذى يريد أن ينهض بالعلم والاختراع والتكنولوجيا ولكن لغايات أخرى غير التسلط والغزو والعدوان والسيطرة.
إنه الإسلام السياسى .
الإسلام الذى يتجاوز الإصلاح الفردى إلى الإصلاح الإجتماعى والاصلاح الحضارى والتغيير الكونى .
والصدام هو قدر كل من يحاول أن يخرج بالاسلام من دائرة المسجد ويسعى به خارج التكية الصوفية.
وأحيانا يبدأ الصدام من باب البيت ومع مسلمين من أهل البيت أنفسهم من ذوى الهويات الغربية .
وهكذا أصبح الإسلام السياسى يحارب فى جبهتين .. فهو يحارب من أهله ويحارب من الأجنبى فى وقت واحد ولن يكون للإسلام السياسى غلبه ولا صوت إلا إذا إنهار المعسكر الأخر من داخله بالسوس الذى ينخر فيه .
والسوس بدا يدب فى أركانه.
ولكن الوارثين لانهيار النظامين لن يكونوا مسلمى هذا الزمان الذين دب فيهم الوهن وانقسموا طوائف وفرقا يضرب بعضهم بعضا.
وإنما الوارثون هم مسلمون أخرون يصنعهم الله على عينه ليكلل بهم هامة التاريخ.
وربما لن نراهم ولن تكتحل أعيننا بهم.
وربما يراهم أولادنا أو أحفادنا.
ولكن حسبنا أن نضع لبنة فى طريقهم الطويل ..