ظاهرة معقدة وتدخل فيها عناصر عدة
تربويون : من يتعامل مع الطالب بشراسة لا يمكن وصفه مدرسا
استشاريون : تضافر جهود الأسرة والمدرسة والدولة يحد من الظاهرة
الأجواء الملبدة بالعنف بكل أشكاله وأنواعه تهدد العملية التربوية للمربي والمتربى عليه معا في حين يتركز نجاحها بوجود الجو الآمن بينهما . فالمعلم يرى أنه جاء إلى المدرسة ليعلَّم فقط وليس ليربي في حين أنَّ اسم الوزارة المهتمة بهذا الشأن هي وزارة التربية ، ونادرًا مايتمُّ توجيهُ المعلم تربويًا أونفسيًا بل يكتفي بقياس الكفاءة التعليمية له فقط [/size]في مجتمعات العنف قد يتعامل الطالب بعدم احترام المعلم أو يتمرد عليه أو ربما يهينه فتتولد ازمهً بين المعلم والطالب ويكون العنفُ هو من أبرز نتائجها
وتلعب الأجواء المدرسية دوراً في ذلك؛ فازدحام الطلبة في الصفوف وانعدام الخدمات العامة إضافة إلى كثافة التكاليف الدراسية وعدم وجود وقت للترفيه أو الراحة ، والعنف ضد الطالب ليس له أرض محددة فهو ينتشر في الشرق والغرب ورغم أنَّ بعض القوانين أقرت بعدم ضرب الأطفال خاصة في المرحلة الابتدائية إلا أنها نادرًا ما تجدُ لها صدى ، مما يلزم وزارة التربية أن تثق بحصول المعلم على الدورات التدريبية والدراسية الكافية لكي تتفادى حصول هذه المشكلة في إرساء العملية التنموية الكاملة
غياب الحوار
أساتذة تربيون يلقون باللوم على المدرسين، في أسلوب إدارتهم للفصل ويرجعون السبب إلى أن غالبيتهم ليسو من خريجى كلية التربية ويفتقدون الجانب التربوى فى التعليم، فيما اعتبر آخرون أن السبب الحقيقى لما يحدث من تنامى ظاهرة العنف داخل المدارس، هو غياب الحوار بين التلميذ والمدرس
واكدوا ان ما يحدث من عنف ضد التلاميذ مجرد حالات فردية، ولا ينبغى وصفها بالظاهرة، وأضافوا : إن فكرة العقاب نفسها تخيف الطفل وتشترك الأسرة مع المدرس فيما يحدث للطفل من رهبة وخوف، لأن الطفل يقع عليه ضغط نفسى، ولكن فى كل الأحوال لا يمكن أن يكون العقاب البدنى وسيلة للتربية أو التعليم
وتحدث الأساتذة عن بعض أنواع العقاب، ومنها: حرمان الطالب من ممارسة نشاط مدرسى يحبه، أو عقابه من المشاركة مع زملائه من اللعب أو الفسحة، وهنا سيفقد القبول الاجتماعى، الذى كان يحظى به قبل ارتكابه الخطأ..وإذا كان تلميذاً مجتهدا يحرم من المكافأة أو الجائزة، حتى يشعر بالذنب
وقالوا: ان الذين يعملون بالتدريس من خريجى الكليات الأخرى غير التربية يعانون نقصا فى أسلوب التربية وطرق التدريس وهؤلاء يمثلون نسبة كبيرة، وهذا يشكل خطرا فى أسلوب تعاملهم مع الطلبة وأسلوب تدريسهم، لأنهم لم يتعلموا أساسيات المهنة، وأهم ما يميزها من مهارات تدريسية، ورغم أن هناك دورات تدريبية يحق لأى مدرس الالتحاق بها لتعلم طرق وأساليب التربية، لكنها غير كافية».
مشاهد العنف
وأرجعت دراسات متخصصة مظاهر العنف والشغب بين طلاب المدارس التي أضحت ظاهرة تتفاقم مع الأيام الى مشاهد العنف التي تبثها وسائط الإعلام التي تدخل البيوت من غير استئذان، و أصبح من النادر أن تسأل مدرسا عن أحوال أو ظروف تدريسه حتى يبادرك بشكواه من سلوك الطلاب، والنتيجة رغبة في الفرار الى أي عمل آخر خارج دائرة التربية والتعليم وأمام هذه الظاهرة الخطيرة التي بدأت في التنامي أجريت دراسات عدة أكدت معظمها زيادة معدلات العنف المدرسي، ففي دراسة عن المشكلات السلوكية لدى طلاب المراحل التعليمية المختلفة أتضح أن السلوك العدواني (العنف) يمثل نسبة عالية من المشكلات السلوكية الأخرى.ويرى أخصائيون في علم النفس : ان ظاهرة العنف المدرسي عالمية وليست مقصورة على بلد معين وهي ظاهرة معقدة وتدخل فيها عناصر عدة وأسباب منها اجتماعية واقتصادية وسياسية وأسباب عائدة الى نظام التعليم وأنظمة التحفيز (الترهيب ـ الترغيب) وأنظمة التقييم والبيئة المدرسية الى جانب الخلفية العائلية للطلبة والمدرسين والطاقم التعليمي والعملية الإدارية للمدارس.
ويقسمون العنف الى نوعين: أولهما الإيذاء الجسدي الذي ينجم عنه إصابة أو إعاقة أو موت باستخدام الأيدي أو الأدوات الحادة لتحقيق هدف لا يستطيع المعتدي تحقيقه بالحوار، ثم الإيذاء الكلامي، وهو استخدام كلمات وألفاظ نابية تسبب إحباطا عند الطرف الآخر بحيث تؤدي إلى مشاكل نفسية
رد فعل
ويرجع طلبة الشغب الذي يقومون به إلى كونه ردة فعل عفوية على العنف الذي يمارسه الآباء في إكراههم على الذهاب إلى المدرسة ومتابعة الدراسة ،فيما يرى البعض الآخر ان المدرس نفسه هو مصدر العنف، فالقصور العلمي الذي يظهر به المدرس يشكل دافعا لديهم نحو الشغب والفوضى لملء وقت الدرس الذي يبدو مملا إلى درجة يفضلون عندها ممارسة الشغب على الاستماع أو الإصغاء للمدرس ، هذا فضلا عن ان بعضهم يعتبر اليوم الدراسي مملا ، وطريقة تدريس المعلمين تقليدية وغير مشجعة على الفهم، فمعظمهم مثل الماكينات يدخل ليفرغ ما لديه من معلومات ويخرج بدلا من تحويل الطلبة المشاغبين الفاشلين إلى ناجحين وباتباع أسلوب مبدع ومحبب في الدراسة عن طريق فهم نفسية الطالب والتقرب منه .
ويقول باحثون ان الأسرة من المصادر الرئيسية لظاهرة العنف فإذا كان يسودها سلوك العنف والفوضى بالتأكيد سيعود بالسلب على نفسية الأبناء سواء كانت المشاكل بين الأبوين أو بينهما وبين أبنائهما، بالإضافة إلى عدم وعي الأسرة بأهمية عملية التربية والتعليم ، ويستشهدون بذلك برأي مديرة مدرسة خاصة تعزو مشاكل الطلاب في المدرسة الى الأهل،وتقول: ألاحظ دوما في أي مشكلة تواجهني مع الطلاب أن الأهل يقفون مع أبنائهم بغض النظر عن أخطائهم وتجاوزاتهم باعتباره تعليما مدفوع الأجر مما يؤدي إلى ضعف مكانة المعلم والمدرسة أمام الطلاب.
برامج متكاملة
وأجمل استشاريون في علم النفس ان الحلول للقضاء على العنف المدرسي أو حتى الحد منه في تضافر جهود الدولة والمدرسة والأسرة التي يجب أن تؤدي دورها، كما ان وسائل الإعلام سواء المرئية أو المسموعة أو المقروءة وكذلك رجال الدين والمجتمع لهم دور فاعل، وطالبوا بعمل برامج متكاملة وفعالة لبحث الأسباب وإيجاد الحلول المناسبة، فالأسرة يجب أن توجد بفاعلية في تربية الأبناء وتوجيههم التوجيهات السليمة وكذلك دور المؤسسات التربوية التي تشرف على المدرسين مع وجود أخصائيين اجتماعيين ونفسيين داخل كل مدرسة لاكتشاف وتصحيح أي خلل سلوكي ليس فقط عند الطلبة، بل عند المدرسين ايضا..................